by Ahmed ManninaJune 18, 2024
Read this article in English here.
الناشطون في المنفى: التحديات، الفرص، التجارب المعاشة
ندوة عبر الإنترنت مقدمة من المركز الدولي للنزاع غير العنيف ومؤسسة HuMENA لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، بدعم من ActionAid الدنمارك.
الجمعة 21 يونيو 2024 من الساعة 17:30 إلى 19:00 بتوقيت وسط أوروبا (اعرف منطقتك الزمنية).
في هذه البقعة من الأرض يمكن لك أن تكون عصامياً، لكن يستحيل أن تصبح بطلاً، لأن همومك هي هموم الملايين وأنت لست وحدك.
أصبت بالإعاقة البصرية بعد ولادتي بسنتين بسبب خلل جيني نتج عن زواج الأقارب مما اضطرّ أسرتي للانتقال إلى الرياض لمحاولة العثور على بصيص أمل في علاجي، الأمر الذي لم يتحقق.، لكن حصول والدي على فرصة عمل هناك جعلنا ننتقل إلى العاصمة السعودية ونستقرّ هناك.
وفي العام 2011 العام اشتعلت ثورات متعددة في أكثر من دولة عربية مثل مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا بلدي الأم.
وكغيري من أبناء وبنات جيلي، انخرطت في العمل الثوري حقوقياً وسياسياً واجتماعياً، حتى جاءت الصدمة باستشهاد شبان وشابات من أبناء وبنات جيلي مثل حمزة الخطيب الذي ولد في 24 أكتوبر 1997، ذات السنة التي ولدت فيها. حمزة الذي اختفى قسرياً في 29 أبريل 2011 على يد المخابرات الجوية التابعة لنظام بشار الأسد في بلدة الجيزة أثناء حمله للخبز والحليب مع العديد من الشبان والشابات في محاولة منهم لكسر الحصار المطبق على مدينة درعا، تم تسليم جثته لأهله في 25 مايو 2011 بعد أن قتل على يد الجهاز الأمني نفسه حيث تم التنكيل بجثته بشكل فظيع إذ كُسرت رقبته وتم قطع عضوه التناسلي.
بعد أربعة أيام في 29 مايو 2011 قامت قوات نظام بشار الأسد باستهداف حافلة مدرسية في قرية الرستن في محافظة حمص حيث اغتيلت هاجر الخطيب مواليد العام 2000 برصاص لم يكن يميّز بين صغير أو كبير.
ومثل حمزة وهاجر، قتل الكثير من أطفال سوريا الذين كانوا يزينون جدران المدارس والحارات بعبارات تطالب بإسقاط نظام الأسد، مثل "جاييك الدور يا دكتور".
استشهاد حمزة وهاجر كان نقطة تحول بالنسبة لي. وصار يحاصرني خيالي فأرى نفسي ألتقط رغيف خبز ملطخ بالدماء من يدي حمزة وأضعه في حقيبة هاجر المدرسية وأحملها معي أينما توجهت. وعلمت أنني سواء كنت داخل سوريا أو خارجها، فإن إسقاط النظام في سوريا، سيبقى هدفي، كغيري من ملايين السوريين والسوريات.
عملت في الظل على نقل أصوات المقهورين وأنين الجرحى وتوثيق ما يحدث في معتقلات نظام بشار الأسد.
لكن في عام 2018 انتقلت من مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية إلى العاصمة الأردنية عمان، كي أستطيع ممارسة نشاطي دون خوف من السياسات السعودية الحديثة التي تضيق الخناق على العمل السياسي والحقوقي، وتحسباً لاشتداد صعوبة الأوضاع الاقتصادية.
في الأردن كانت حينها ممارسة الناشطية المدنية من أجل سوريا أكثر مرونةً بالنسبة لغيرها من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي العاصمة الأردنية درست بكالوريوس في الصحافة والإعلام ثم استأنفت نشاطي في العمل المدني بشكل أوسع وأشمل، حيث عملت في الكثير من المشاريع الإنسانية الإغاثية والتوعوية والحقوقية المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة ومصابي الحروب. وعملت في الدعم النفسي والمعرفي للأشخاص حديثي الإعاقات وإعادة تأهيلهم النفسي والبيئي والاجتماعي والمعرفي كي تصبح حياتهم أسهل وأكثر استقلالية.
لم يكن من السهل في مكان ما أن نكون ناشطون/ات من ذوي الإعاقة في بيئة غير دامجة لهذه الفئة. ففي هذه البقعة الجغرافية نحن نصحو كل يوم كي نكتب حلقة جديدة من مسلسل أبطاله ملايين من القابعين تحت سطوة مجتمع أبوي يحاول أن يفرض علينا ما يجب أن نكون عليه في كل مناحي الحياة.
أن تكون صحفياً وناشطاً مدافعاً عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، هو أمر يلقي على عاتقك عبء صناعة واقع مختلف للأشخاص الذين يتم إقصائهم بشكل يومي من قِبَل الحكومات والمجتمعات عامةً وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. والمصاعب التي يواجهها الأشخاص ذوي الإعاقة المدافعين عن حقوقهم وحقوق الإنسان كافة تتركز في ثلاث مستويات. الأول هو المستوى الحكومي والسياسي، حيث لا توجد قوانين ذات سلطة قوية رادعة لجميع الانتهاكات التي تتعرض لها تلك الفئة وتغيب السياسات الدامجة والمشركة لهذه الفئة في صناعة القرارات. والثاني هو المستوى المجتمعي حيث يغيب الوعي والمعرفة المتعلقة بتأمين بيئة مواتية لناشطية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، من ذوي الإعاقة. أما المستوى الثالث فهو مستوى المجتمع المدني، حيث لا تركّز المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني على هذه الفئة وحقوقها ويتم تجاهلها بشكل مستمر.
لذا، كان من الطبيعي أن نشعر، نحن الناشطون والناشطات من ذوي الإعاقة بالعزلة السياسية والاجتماعية والحقوقية. ومما يجعل الأرقام أكثر تعقيداً، غياب الإحصائيات والدراسات المتعلقة بناشطية الأشخاص ذوي الإعاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسط تجاهل تام لأهمية ناشطيتهم والدفاع عن حقوق هذه الفئة المنسية وصار حضورنا في الفضاء المدني يقتصر على دعوتنا لحضور الحفلات الرعائية والخيرية التي يقيمها البعض من أجل إرضاء عقدة الذنب التي يشعرون بها تجاهنا.
فنحن منفيون ومنسيون على هامش جميع القضايا الإنسانية، ومبعدين عن النقاشات وصناعة القرارات، حتى تلك المتعلقة بمصائرنا وحيواتنا.
أنا أصحى كل يوم لأثبت أننا كناشطين وناشطات من ذوي الإعاقة جديرون بالحياة ولنا حقوق وعلينا واجبات مثل أي مواطن ومواطنة.
وبعد أكثر من 13 عاما من النشاط، أطلقت عليّ صديقتي لقب "العصامي في الظل"، وأنا هنا لأقول أن هناك المئات من العصاميون والعصاميات في الظل الذين يسخّرون حياتهم من أجل قضاياهم. وعلى الرغم من التجاهل المستمر وعدم الاعتراف بنا كمواطنين فاعلين ومواطنات فاعلات في المجتمع ، لا زلنا مستمرين/ات بالنضال لنكتب واقعا أقل سوءا للأجيال القادمة وحتى ننتزع الاعتراف بالأشخاص ذوي وذوات الإعاقة كمواطنين ومواطنات مكتملي/ات الأهلية.
أحمد منينة كاتب صحفي سوري، ومدافع عن حقوق الإنسان، وصانع محتوى رقمي سياسي وحقوقي. من منفاه في الأردن، يركّز أحمد عمله على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإدماجهم في العمل المدني.
كذلك يعمل أحمد على رفع وعي حول الصحة والحقوق الجنسية الإنجابية.
Read More